قد لا يكون قتل الجيش الإسرائيلي لأسر فلسطينية مجرد خطأ سببه بحثه المتواصل عن مناطق تمركز أعضاء المقاومة الفلسطينية، وليس حتى مسؤولية تتحمّلها حركة حماس كما يزعم، بل قد يكون أمراً مقصوداً، ما دام أعداء إسرائيل لا يتلخصون في أولئك الذين يطلقون الصواريخ والرصاص على مدنها وآلياتها العسكرية، ولا حتى من يناضلون بالكلمة في سبيل فضح جرائمها، ولكن الأعداء يتمركزون أيضاً في أرحام الأمهات الفلسطينيات اللائي ينجبن كل عام أفواجاً جديدة من المقاومين الرافضين للاستسلام.
الصور المروّعة لقتل أطفال فلسطينيين بقنابل وقذائف حوّلت أجسادهم البريئة إلى أشلاء، والمشاهد المؤلمة لجثت أمهات فلسطينيات متناثرة هنا وهناك، تذكر بمخاوف حقيقية تجتاح مؤسسات التخطيط السياسي والاجتماعي داخل إسرائيل والمتحالفين معها، وهي المخاوف المتعلقة بالخصوبة الفلسطينية التي تغلب نظيرتها الإسرائيلية، الأمر الذي يزيد في نسبة سكان الأراضي الفلسطينية رغم آلة التقتيل الصهيونية التي تستمر منذ عقود.
ويبلغ مجموع سكان الأراضي الفلسطينية، حسب إحصائيات رسمية من مركز الإحصاء الفلسطيني سنة 2013، حوالي أربعة ملايين و420 ألف نسمة، منها مليون و700 ألف في قطاع غزة، ويصل معدل الخصوبة بالأراضي ككل إلى4,4 مولود للمرأة الواحدة، وتبلغ نسبتها بغزة 5,2، كما يبلغ معدل المواليد الخام بالقطاع 37,1%.
أما معدل الزيادة الطبيعية، فيبلغ في فلسطين 2,96%، تساهم فيها غزة بنسبة 3,48%. أما نسبة العجزة (ما فوق ستين سنة) فلا تبلغ بالأراضي الفلسطينية سوى 4,4%، نصيب غزة منها لا يزيد عن 3,7%، في وقت تستعمر فيه نسب الأطفال والشباب معدلات السكان، حيث تصل نسبة من هم أقل عن 14 سنة حوالي 40,1%، منها 43,4% بقطاع غزة، أما نسبة الشباب ما بين 15 و29 سنة، فتبلغ 29,9% في الأراضي الفلسطينية، حوالي 29,8% منهم بالقطاع.
أما فيما يخص ساكنة الكيان العبري، فقد ارتفع عددها هذا العالم إلى 8,2 مليون حسب ما نشره المكتب المركزي الإسرائيلي للإحصاء ، بزيادة 2% عن نسبة سنة 2013، ويمثل السكان اليهود حوالي 75% من المجموع، بينما يمثل العرب، وبينهم فلسطينيو الداخل ومن يقيمون في أجزاء احتلتها إسرائيل لا يعترف بها المجتمع الدولي كالقدس الشرقية، حوالي 20,7%، أما 4,3% المتبقية فكانت لأقليات دينية أخرى.
وكان عدد المواليد قد بلغ في إسرائيل سنة 2013، 161 ألف مولود بينهم 82,437 ذكر و 78,312 أنثى، بينما تصل نسبة الخصوبة عند النساء الإسرائيليات 2,65 مولود لكل واحدة.
ورغم الارتفاع المشهود في عدد السكان الإسرائيليين، إلّا أن الأمر لا يعود إلى معدل مرتفع للخصوبة ما دامت النسبة الإسرائيلية أقلّ بقرابة النصف عن تلك الموجودة في الأراضي الواقعة تحت إمرة السلطة الفلسطينية، ولكنه يعود أساسا إلى سياسات الهجرة التي تتبعها إسرائيل، والتحفيزات المالية الكبيرة التي توفرها لليهود من كل دول العالم، من أجل الالتحاق بقوائم مواطنيها.
الخصوبة الكبيرة في الأراضي الفلسطينية، والتي تفوق حتى تلك الموجودة في دول عربية أخرى، كالمغرب الذي تصل فيه النسبة إلى 2,7 مولود لكل امرأة، ومصر التي تصل النسبة إلى 2,8 (إحصائيات البنك الدولي سنة 2012)، تعود إلى أسباب كثيرة، منها الزواج المبكر للفلسطينيات مقارنة بالإسرائيليات، والرغبة في الإنجاب، ووعي الأسر الفلسطينية بأن الأبناء يشكلون ضمانة لاستمرار وجودهم في أرضهم.
وكانت مجموعة من الدراسات الاستراتيجية لإسرائيل، قد أشارت إلى أن نسبة اليهود قد تنخفض داخل دولة إسرائيل بسبب ضعف الخصوبة المرأة اليهودية مقارنة بالمرأة العربية، ممّا يعني أن عدد العرب قد يصبحون أكثر من اليهود داخل أراضي حدود 1948.
إلّا أن الخصوبة داخل الأراضي الفلسطينية شهدت نوعاً من الانخفاض في السنوات الأخيرة، فقد كانت تبلغ ستة مواليد للمرأة الواحدة سنة 1997، وهو الانخفاض الذي عزاه بعض المتخصصين إلى هجرة مجموعة كبيرة من الفلسطينيين إلى دول أخرى بحثاً عن العمل، كثرة الطلبة الدارسين في الجامعات وما يترتب عن ذلك من تأخير لسن الزواج، وتوجه النساء الفلسطينيات إلى العمل بهدف مساعدة الأزواج.